8:10:45
كربلاء مدرسة العلماء... الشيخ الخازن أنموذج الفقيه الأديب المحقق من كربلاء إلى الكوفة، والخازر، فعين الوردة... حكاية السيوف التي انتقمت لدم الحسين "عليه السلام" تهنئة  استمرار الدورة الفقهية في مركز كربلاء للدراسات والبحوث من النواويس إلى الحائر... رحلة الأرض التي احتضنت الإمامة والشهادة اهل البيت عليهم السلام: منزلتهم و مبادئهم هلاك الاستبداد و نجاة التشاور ... محمد جواد الدمستاني موقف شهداء الطفّ... حين ارتفعت قيم الكرامة فوق رايات النفاق في مكتبة مركز كربلاء... المرجع الأهم للنجاح في إختبار التوفل الدولي مدينة الحسين "عليه السلام" في الأرشيف العثماني... ملامح سياسية واقتصادية يكشفها مركز كربلاء للدراسات والبحوث أسرار تحت أقدام الزائرين... ماذا تخبئ تربة كربلاء من كنوز زراعية وتاريخية؟ قاسم الحائري... شاعر كربلاء الذي بكى الحسين حتى العمى المساجد ومجالس الأدب كمصنع للوعي... أسرار ازدهار الصحافة في كربلاء العمل في فكر الأنبياء "عليهم السلام"... صناعة الإنسان قبل صناعة الحضارة قراءة في كتاب: "الإمام المهدي في القرآن والسنة" سفر من نور في مكتبة مركز كربلاء كتب "الولائيات" بين المبالغة والوهم... مركز كربلاء يقرأ نصوص الطف بعين العقل والمنطق تحت شعار: "بالألوان نرسم الأمل".. مركز كربلاء يحلّ ضيفاً على أول معرض فني بمدرسة عراقية في مدينة قم المقدسة الصبر على المصيبة مصيبة للشامت ... محمد جواد الدمستاني في إصدار علمي جديد... مركز كربلاء يسبر أغوار خزائن العتبات المقدسة الحوزة العلمية في كربلاء... مجدٌ نُقش بأسماء الكبار وتراث عظيم ينتظر من يزيح الغبار عنه
اخبار عامة / تقارير وتحقيقات
02:44 AM | 2022-02-09 4601
جانب من تشيع الشهيد زكي غنام
تحميل الصورة

رحلة كربلائية مع ساعي البريد .. حديث الاشتياق والعتاب والمصاعب

يستيقظ صباحاً مرتدياً بزته الرسمية حاملاً فوق اكتافه حقيبته الجلدية تملأها الحروف وتتراصف فيها الكلمات، بين جنبات الورق تختلط فيها مشاعر  الحب والشوق والعتاب، مستقلاً دراجته الهوائية يجوب الطرقات وينتقل بين الأزقة والشوارع  في مدينته التي حفظ تفاصيلها على ظهر قلب وعرفته جيداً؛ ليبدأ رحلته اليومية المعتادة في توزيع الرسائل القادمة من شتى بقاع الأرض  إلى أصحابها، تغمره السعادة وهو يرى جموع المتلهفين لسماع إخبار احبتهم القاطنين في ديار الغربة، وهم يخاطبونه بلهجة كربلائية ممتعة "ها عيني ابو كريم بشر وصلت رسائلنا".

 يحدثنا الحاج حاتم نعمة الزبيدي المولود في مدينة كربلاء المقدسة عام ١٩٤١ م والمعروف "بشيخ الموزعين" إن "المتعة الحقيقة في هذه الوظيفة هي إن تتلمس أناملك ظرف الرسالة ويلتصق فوقه طابع جميل وتخرج تلك الورقة المطوية من الحقيبة لتستنشق عطرها الفواح".

 

وذكر الحاج حاتم نعمة الزبيدي في تصريح حصري لمراسل مركز كربلاء للدراسات والبحوث " كنت احب عمل والدي الحاج نعمة وانا أراه يرتدي قيافته الجميلة المميزة ويسير في طرقات المدينة متنقلا على دراجته الهوائية والابتسامة تلازم محياه وهو يطرق ابواب الناس لتسليمهم الرسائل، كان عمله وتواصله المستمر والاحترام والتقدير الذي يحظى به بين الناس يدهشني ويعجبني لذلك اردت ان اكون مثله"

وتابع الزبيدي "في اول فرصة سنحت لي حصلت على هذه الوظيفة بعد إن سعى والدي وقتها في توظيفي وكانت بعد إن شاهدني شغوفاً ومحباً لهذا العمل فكان اول تعيين لي في عام ١٩٥٨م في دائرة بريد كربلاء اذ كان عمري لا يتجاوز ١٨ عاماً، براتب لايتجاوز الـ ١٠ دنانير حيث كنت اصغر العاملين في تلك الوظيفة حينها، وكنت أقوم بتوزيع الرسائل في محلات كربلاء القديمة ابتداء من منطقة باب الخان مرواً بمنطقة الحائر الحسيني و باب النجف (باب بغداد) ومحلة باب الطاق وصولاً إلى منطقة المخيم والعباسية وغيرها".

 

واصلت الحديث معه وحاولت إن اجعله يغوص في أعماق ذاكرته عن حلاوة عمله ومعرفة الشخصيات التي رافقته في رحلته التي استمرت قرابة الـ ٣٥ عاماً ليخبرني إن  " حب العمل والحفاظ على أمانات الناس والصدق في التعامل مع الاخرين ورؤية مشاعر الناس وتعابير الفرح والشوق التي ترسم على وجوههم وهم يتلاقفون الرسائل من بين يدي كانت أجمل اللحظات واكثرها سعادة بالنسبة لي حتى أنها تزيل عن كاهلِي  مرارة التعب ومشقة العمل الشاق، فضلاً عن دعاء الأمهات والاباء فهو الهدية الأكبروالاعظم ثمناً وسر من اسرار التوفيق والنجاح في أداء المهمة الملقاة على عاتقي".

 اما الشخصيات التي عملت معهم آنذاك من موزعي البريد فهم (المرحوم محمد الجواد والمرحوم جواد عمارة) وغيرهم الكثير.

وفي سؤالي عن مؤهلاته الدراسية التي جعلت منه يحظى بالوظيفة اجاب الحاج الزبيدي إن " العمل في هذه الوظيفة لم يكن يتطلب منك الحصول على  على شهادة عليا كما في الوقت الحالي وانما كل ما يحتاجه عملك هو قدرتك على القراءة والكتابة، اذ ان الكثير من الزملاء في ذلك الوقت كانوا قد حصلوا على الشهادة الابتدائية والتحقوا بركب العاملين في العمل، الا اني أكملت دراستي المتوسطة وهذا ما ساعدني على إن اكون مميزاً بين أقراني من العاملين في ذات التخصص كما انني عملت على تثقيف نفسي خلال فترة عملي وتعرفت على شخصيات أدبية وسياسية وثقافية كانوا يهدوني الكتب والمؤلفات التي ساعدتني على ان أسلح نفسي ادبيا وثقافياً"

واما عن الصعوبات التي كانت تواجهه في عمله فذكر لنا ساعي البريد "لم تكن هنالك صعوبات جمه في بداية العمل بل على العكس تماماً كان العمل مشوقاً وانت تطوف شوارع المدينة، الا ان ذلك لم يستمر فقد تعرضنا للعديد من المضايقات بعد انتهاء حقبة الثمانيات من قبل أجهزة الأمن في تلك الفترة وكانت الرسائل لابد ان تخضع للتدقيق  والتفتيش حتى إن موزعي البريد كانت تتم مراقبتهم من بعض منتسبي الأجهزة الأمنية خوفاً من تهريب الرسائل لعوائل المناوئين للنظام والمعارضين لحكمه لكن الامر لم يكن يصل إلى فتح الرسائل والاطلاع عليها  الا في بعض الحالات الخاصة وهي نادرة الحدوث خلال فترة عملي".

في ختام حديثنا طرحنا على ساعي البريد سؤالاً للطرفة والمعرفة حول اذا كانت لديه الجرأة يوما على فتح رسالة معينة، فقال ابدا لم افعل ذلك، هذه امانة الناس، وساعي البريد يجب ان يكون امينا عليها مستذكراً قول النبي محمد (ص) (أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ).

Facebook Facebook Twitter Whatsapp