بالرغم مما تمثله مدينة كربلاء من قبلة للتسامح وقبول الآخر الى جانب الخصائص الكثيرة الأخرى التي منّ بها الباري عز وجل على هذه المدينة المقدسة، إلا أنها كانت قد شهدت خلال النصف الأخير من القرن الثالث عشر الهجري، حالة من النعرات العنصرية غير المسبوقة.
ويعود السبب في هذه الحالة الغريبة عن المجتمع الكربلائي، الى الآراء المستوردة والمعتقدات المستحدثة المدعومة من المستعمر الأجنبي بغرض تمزيق عرى وحدة أبناء المدينة المقدسة، وإبعاد قادتها المخلصين ممن وقفوا بالضدّ من مخططات ذلك المستعمر على مدى التاريخ المبارك لهذه المدينة.
وكانت من بين تلك المخططات ما أقدمت عليه السلطات العثمانية الغازية من محاولات (تتريك العرب) وفسحها المجال لحلفائها من دعاة التقسيم وزعزعة الإيمان في نفوس الجماهير المؤمنة، بالإضافة الى ما قام به فلول (اليرمازية الشقاة) الإيرانيون من زرع لمفاهيم الغلو والتطرف في عقول بعض البسطاء والجهلة بعد إستيطانهم خفيةً في كربلاء على أثر تعرّضهم للملاحقة من قبل سلطات بلادهم بتهمة الترويج لنفس تلك المفاهيم الفاسدة (1).
المصدر: مدينة الحسين (مختصر تاريخ كربلاء) : لمؤلفه محمد حسن الكليدار آل طعمة، ج4، ص 189.