بعد استشهاد ابيه الإمام امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
بدأ الإمام الحسن عليه السلام من جانبه يستنهض الكوفة للجهاد والسير لقتال معاوية بعد ان بلغه توجهه نحو العراق فبعث حجر بن عدي يأمر العمال والناس بالتهيؤ للمسير والتجمع في خان النخيلة
وراح الإمام الحسن عليه السلام يوقظ الهمم ، ويبعث الحزم والنشاط في النفوس ، ويحثها على الخروج لحرب معاوية كما فعل ذلك من قبل في معركة الجمل ، وقد قام خطيباً بين الجماهير يدعوهم إلى الجهاد ، وهذا نص خطابه :
الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ .
ثم قال :
إِنَّ مِمَّا عَظْمَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنْ حَقِّهِ ، وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ مِنْ نِعَمِهِ مَا لَا يُحْصَى ذِكْرُهُ ، وَلَا يُؤَدَى شُكْرُهُ ، وَلَا يَبْلُغُهُ صِفَةٌ وَلَا قَوْلٌ .
وَنَحْنُ إِنَّمَا غَضَبْنَا لِلَّهِ وَلَكُمْ ، فَإِنَّهُ مَنَّ عَلَيْنَا بِمَا هُوَ أَهْلُهُ أَنْ نَشْكُرَ فِيهِ الاءَهُ وَبَلاءَهُ وَنَعْمَاءَهُ ، قَوْلاً يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ فِيهِ الرَّضا ، وَتَنْتَشِرُ فِيهِ عارِفَةُ الصِّدْقِ ، يُصَدِّقُ اللَّهُ فِيهِ قَوْلَنَا ، وَنَسْتَوْجِبُ فِيهِ الْمَزِيدَ مِنْ رَبِّنَا ، قَوْلاً يَزِيدُ وَلَا يَبِيدُ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ قَوْمٌ قَطُّ عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ إِلَّا اشْتَدَّ أَمْرُهُمْ ، وَاسْتُحْكِمَتْ عُقْدَتُهُمْ .
فَاحْتَشِدوا في قِتالِ عَدُوِّكُمْ مُعاوِيَةَ وَجُنودِهِ ، فَإِنَّهُ قَدْ حَضَرَ وَلَا تَخَاذَلُوا فَإِنَّ الْخِذْلانَ يُقَطِّعُ نِيَاطَ الْقُلُوبِ ، وَإِنَّ الْأَقْدَامَ عَلَى الْأَسِنَّةِ نَجْدَةٌ وَعِصْمَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْتَنِعُ ) قَوْمٌ قَطُّ إِلَّا دَفَعَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْعِلْةَ ، وَكَفَاهُمْ جَوَائِحَ الذُّلَّةِ ، وَهَدَاهُمْ إِلَى مَعَالِمِ الْمِلَّةِ .
ثم أنشد :
وَالصُّلْحُ تَأْخُذُ مِنْهُ مَا رَضِيتَ بِهِ وَالْحَرْبُ يَكْفِيكَ مِنْ أَنْفَاسِهَا جُرَعُ
وحفل خطابه البليغ بالدعوة إلى الوحدة والتعاون ، وبذل الجهود المحاربة القوى الباغية ، وقد استجاب الناس لدعوته ، فخفوا سراعاً لنصرة الحق والدفاع عن الإسلام.
المصدر / موسوعة سيرة اهل البيت عليهم السلام / الشيخ باقر شريف القرشي / ص ٤٢٦