منذ تأسيس مركز كربلاء للدراسات والبحوث في العتبة الحسينية المقدسة أواخر عام 2013م، فقد وصلت مهامه إلى ما هو أبعد من التوثيق التاريخي والديني فحسب، لتشمل دراسات ميدانية وأكاديمية تحمل بصمات واضحة في تحسين الخدمات الميدانية للزوار، لاسيما خلال مواسم الزيارات الكبرى كعاشوراء والأربعين.
ففي محور الصحة والسلامة ذي الأهمية البالغة بالنسبة لديمومة الزيارات، فقد أظهرت دراسات متخصصة كيف يمكن تحسين توزيع المفارز الصحية على المسارات المؤدية إلى كربلاء، وبيّنت أن وجود نقاط إسعاف متنقلة وخدمات دوائية فعّالة ومعدة مسبقاً، يمكن أن يحدّ من المضاعفات الصحية لدى الزائر، خصوصاً لأولئك القادمين من أماكن بعيدة تحت ظروف مناخية قاسية أو مع قلة الخبرة في التنقل لمسافات طويلة.
ومن المواضيع البحثية المهمة التي تناولها المركز هو موضوع الخدمات اللوجستية، والذي ركز على النقل والتفويج من المحافظات العراقية إلى داخل مدينة كربلاء وبالعكس، حيث أشار باحثون ضمن دراسات تقييمية، إلى نقاط الاختناق المروري عند مداخل المدينة ومخارجها، وقُدمت توصيات عملية مثل إنشاء محاور بديلة وتنظيم جداول حركة الحافلات خلال أوقات ذروة وصول الزوار.
وإلى جانب البُعدين الصحي واللوجستي، ترصد البحوث التي ينشرها المركز أيضاً، أثر الثقافة والتوعية في تحسين الانضباط العام خلال مناسبات الزيارة، مثل الدراسات العقائدية والتربوية ذات الفاعلية البالغة في حثّ الزائر الكريم على الالتزام بالإرشادات والخدمات، مما يقلل من المخالفات ويزيد من راحة الزائر وسلامته.
أما الجزء الأكثر تأثيراً في هذه النشاطات، فهو أنها ليست منفصلة عن الواقع الإداري والسياسي المحلي، بل تُترجَم ضمن سياسات خدمة الزوار، فالمركز لا يكتفي بطرح نتائج، بل يتواصل مع الجهات المختصة ذات الصلة بالنقل، والصحة، والأوقاف، والأمن، وغيرها، بهدف إعتماد مخرجات البحوث والدراسات ضمن خطط العمل السنوية.