ضمن سلسلة إصداراته البحثية الرصينة، كشف مركز كربلاء للدراسات والبحوث في العتبة الحسينية المقدسة، وعبر دراسة علمية متخصصة، عن الملامح الجيومورفية لمحافظة كربلاء المقدسة وما تحمله من تنوع جيولوجي ومناخي وطبيعي يعكس تاريخاً طويلاً من التحولات البيئية.
وأوضحت الدراسة التي نشرها المركز نشرها عبر موسوعته الحضارية الشاملة، أن سطح الأرض في كربلاء يضم تكوينات جيولوجية تعود إلى حقب الحياة الحديثة (الثلاثي والرباعي)، حيث يُعد تكوين الفرات أقدمها ويمتد إلى عصر الميوسين الأسفل، فيما تُشكل الترسبات الحديثة المرتبطة بعصر الهولوسين، أحدث ملامحها.
وانقسمت منطقة الدراسة إلى إقليمين بارزين أولهما إقليم السهل الرسوبي شرقي المحافظة، وإقليم الهضبة الغربية التي تهيمن على القسم الأوسط الغربي، حيث يبلغ أعلى ارتفاع في المنطقة (125) متراً فوق مستوى سطح البحر، مقابل أدنى نقطة بحدود (25) متراً.
كما صنفت الدراسة مناخ كربلاء ضمن المناخ الجاف، إذ بلغ معامل الجفاف وفق معادلة (Thornthwate) ما يصل الى (3.84)، بينما أظهرت معادلة (إيفانوف) أن مقدار التبخر يصل إلى (226.9)، أما عن التربة في المدينة، فتنقسم إلى كل من تربة السهل الرسوبي شرقي المحافظة، وتربة الهضبة الغربية في الأجزاء الوسطى والغربية.
ومما رصدته الدراسة أيضاً، هو تباين الموارد المائية بين بحيرة الرزازة، والمياه السطحية مثل شط الهندية، والمياه الجوفية المنتشرة في مناطق متعددة، وبسبب الجفاف وندرة المياه، فقد غلب على المنطقة النبات الصحراوي، مع وجود نباتات ضفاف الأنهار في السهل الرسوبي، إضافة إلى النباتات الزراعية في الحقول.
هذا ولم يغب النشاط البشري عن المشهد الجيومورفي، حيث تنتشر المقالع لاستخراج الرمال والحصى في المناطق الصحراوية، ما يعكس التفاعل المباشر بين الإنسان والبيئة الطبيعية.
يذكر أن هذه الدراسة المعدّة من قبل المركز، قد جاءت لتسليط الضوء على الطبيعة الجيومورفية المتنوعة لكربلاء وتؤسس لقاعدة معرفية يمكن أن تُسهم في تخطيط عمراني وزراعي مستقبلي يأخذ بالاعتبار خصائص الأرض والمناخ والموارد الطبيعية.
المصدر: مركز كربلاء للدراسات والبحوث، موسوعة كربلاء الحضارية الشَامِلَةُ، المحور الجغرافي، 2017، ج1، ص116-117.