يمثّل الكتاب شهادة قلم عاش لحظات الكتابة في ظروف قاسية، إذ دوِّنت فصوله الأولى في زمن الحصار والاضطهاد، بعيداً عن الوطن، في بيئة كانت أخبار الموت والسجون والجوع تصل يومياً. وهذا الألم —كما يصف المؤلف— كان شرارة الفكرة ومنبع الحروف، إذ تحوّل الوجع الشخصي إلى عدسة يرى من خلالها ملامح الثورة الحسينية وما واجهه أهل العراق آنذاك.

يستعرض الكتاب مرحلة ما قبل الثورة، كاشفاً تشابهاً صارخاً بين أساليب القمع التي اتبعها بني أمية وسياسات الاستبداد في العصور اللاحقة، بما فيها التهجير الجماعي، والتجويع، وإرهاب الدولة، وضرب المجتمع بوسائل “فرّق تسد”. حيث يقدّم المؤلف قراءة تحليلية لتلك الأحداث، مبيّناً كيف واجه الإمام الحسين منظومة قمعية مشابهة، اعتمدت الاغتيال السياسي، والتضليل الإعلامي، وإفساد القيم العامة عبر نشر الانحلال في المدن المقدسة.

ويؤكد الكتاب – في نسخته الجديدة – أن الثورة الحسينية لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل مشروعاً إصلاحياً أبدياً يصلح لكل زمان، ويقدّم نموذجاً عملياً لكيفية إنقاذ الشعوب من الطغيان، الأمر الذي يمنح الدراسة بعداً إنسانياً يتجاوز حدود الزمن.

وقد حافظ الكتاب على حضوره العلمي لأكثر من خمسة وعشرين عاماً، منذ صدور طبعته الأولى في بيروت، ثم الطبعة الثانية عام 2010، وصولاً إلى هذه الطبعة الثالثة التي يتبنّاها مركز كربلاء للدراسات والبحوث، تقديراً لأهميتها الفكرية وما تحمله من رسالة واضحة للشعوب المضطهدة، وهي إن نهج الحسين هو الطريق إلى الحرية، والكرامة، والعدالة، مهما طال زمن الاستبداد.

لطلب نسخة من الكتاب: زيارة المكتبة العامة لمركز كربلاء للدراسات والبحوث/ باب بغداد/ بداية شارع السيدة زينب (عليها السلام).