إنَ أهم ما يُلزم على الإنسان في هذه الحياة بعد العلم بحقيقتها وآفاقها وغاياتها من خلال الإيمان بالله سبحانه ورسله الى خلقه والدار الآخرة هو توعيته لنفسه وتزكيته إياها، بتحليتها بالفضائل وتنقيتها من الرذائل، حتى يتمثل علمه في عمله واعتقاده في سلوكه، فيكون نوراً يستضيء به في هذه الحياة ويسير بين يديه وبإيمانه في يوم القيامة.

أن الله سبحانه وتعالى أودع في النفس البشرية طاقات وإمكانات عظيمة متعددة إن انتفع بها المرء في موضعها بلغ مبلغاً عالياً، كما يدلك عليه ملاحظة المبرزين في الاخلاق والسلوك والعلم والادب وغيرها، وإن استعملها في غير موضعها هبط هبوطاً كبيراً، كما يدلك عليه ملاحظة حال المجرمين والعتاة، فإن هؤلاء لم يكونوا في صغرهم إلا أطفالاً وديعين يتمتعون من الفطرة بمثل ما يتمتع به سائر الاطفال ولكنهم توجهوا بطاقاتهم إلى مناحي الشر والشقاء.

المصدر: أصول تزكية النفس وتوعيتها، محمد باقر السيستاني، ج1، ص169