إنَ أهم ما يُلزم على الإنسان في هذه الحياة بعد العلم بحقيقتها وآفاقها وغاياتها من خلال الإيمان بالله سبحانه ورسله الى خلقه والدار الآخرة هو توعيته لنفسه وتزكيته إياها، بتحليتها بالفضائل وتنقيتها من الرذائل، حتى يتمثل علمه في عمله واعتقاده في سلوكه، فيكون نوراً يستضيء به في هذه الحياة ويسير بين يديه وبإيمانه في يوم القيامة.
لا فرق في الدواعي الفطرية بين العادية منها من قبيل داعي الطعام والشراب والأمومة والراحة، وبين الدوافع العالية وهي الدوافع الحكيمة والأخلاقية، لانها من جملة الحاجات الفطرية للإنسان، فإن المرء إذا سحق روح الحكمة عنده في تصرفاته انغماساً في رغبات وانفعالات آنية فربما يشعر بشيء من الاضطراب الداخلي النفسي وإن لم يذعن بذلك كراهة أن يعترف لنفسه بعدم الحكمة، وإذا سحق روح الضمير الأخلاقي استجابة لشهواته فإن أيضاً تطرأ عليه مثل هذه الحالة، ويعيش تأنيباً داخلياً لا شعورياً في ضميره.
المصدر: أصول تزكية النفس وتوعيتها، محمد باقر السيستاني، ج1، ص263