أثبت معظم الحكّام والولاة الذين تولّوا أُمور المسلمين بعد واقعة كربلاء، أنهم كانوا بعيدين جداً عن مبادئ الشريعة الإسلاميّة وأحكامها، فقد كانت قصورهم وبيوتهم تعجّ بمظاهر الفساد الأخلاقي والانحلال الديني، كمعاقرة الخمور، وممارسة الفجور، والضرب بالطنبور، مما انعكس بطبيعة الحال على المجتمع الإسلامي الذي تفشّت فيه هذه الظواهر، لأنّ الناس على دين ملوكهم كما يقال.
أما على المستوى السياسي، فإنّ الدولة الإسلامية في الفترة التي تلت أحداث واقعة كربلاء، كانت مفكَّكة وموزَّعة بين الأُمويين في الشام وبعض المناطق المجاورة لها، والزبيريين في الحجاز والعراق، بالإضافة إلى الخوارج في بعض مناطق الجزيرة العربية، وهو ما أسفر لاحقاً عن نشوب نزاعات وحروب بين هذه الأطراف انتهت بسيطرة الأُمويين وبسط نفوذهم على معظم المناطق خلال عهد الطاغية "عبد الملك بن مروان".
ومثلما شهدته تلك الدويلات من صراعات فيما بينها، فإن المؤامرات والدسائس من أجل الوصول لمقاليد الحكم كانت حاضرة هي الأخرى داخل العوائل الحاكمة نفسها، مما أضعف الدولة من الداخل، وتسبب بظهور الحركات النضالية والجهادية بين الحين والآخر، ليسفر بنهاية المطاف عن سقوط الدولة الأُموية على يد العباسيين الذين استغلّوا شعار "الرضا من آل محمد" كذريعة لنيل مغانم السلطة عبر استقطاب الجماهير الناقمة على الأُمويين، إلا أنهم تنكّروا لذلك الشعار بمجرد وصولهم الى مسعاهم.
ولم يكن المستوى الاجتماعي في الأمة الإسلامية بأفضل حالاً من نظيره السياسي، فقد عاش المسلمون بعد واقعة عاشوراء ظروفاً اجتماعية سيئة تمثّلت بانتشار الفقر والفساد، وفقدان الأمن والاستقرار على خلفية الصراعات السياسية الدائرة، مع تفشّي القمع والقهر والاستبداد من قِبَل حكّام الجور وولاة الظلم كالحجاج وأمثاله من بني أُميّة والعباس، كما ساعدت هذه الأوضاع على بروز ظواهر اجتماعية غريبة عن المجتمع الإسلامي، كالتمييز على أساس العرق والقومية، مثلما حصل بين العرب والموالي أبان الحكم الأُموي، ممّا يشير وبما لا يدع مجالاً للشك الى إبتعاد نسبة كبيرة من المسلمين آنذاك عن تعاليم دينهم الحنيف ووصايا نبيهم (ص) وآل بيته الأطهار من بعده.
المصدر
- سهيل طقوش، تاريخ الدولة الأُموية: ص89.
- سهيل طقوش، تاريخ الدولة العباسية: ص243.