أن الدين فضلا عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها أو معونتها للإنسان.
مدى دلالة هذه التطلعات الإنسانية على حقانية. الرؤية الدينية - فقد يظن أن لا دلالة للمشاعر على صدق مقتضاها، كما تلاحظ ذلك في كثير من الأمال والمشاعر التي لا تجد لها خارجا ما يفي بها. ولكن لا يبعد كون هذه التطلعات مؤشرا على حقانية الدين؛ بالنظر الى قاعدة جارية
في التطلعات والدوافع - وفق الدراسات النفسية القطرية - وهي أنها تدل على وجود تأمين نوعي لمقتضاها، مثلا دافع الجوع والعطش في الإنسان - وكذا في الحيوانات - يدل على أن المشهد الذي يعيش فيه قد عبئ فيه نوعا ما يرفع الجوع والعطش، ودافع الزواج يدل على وجود ما يتزوج الإنسان معه نوعا، ودافع الأمومة والأبوة يدل على توفر أدوات الإنجاب للإنسان، وتعلق الطفل الوليد بالأم يدل على أن هناك أما مقدرة له وفق سنن وجود الطفل وعلى أن نفسية الأم صيغت على نحو تستجيب لتعلق الطفل بها وعطفها عليه.
المصدر اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص62