ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.

ولقد كانت عناية النبي (صلى الله علية واله وسلم) بالوفاء بالعهد وتجنب الغدر أمراً عينياً ملحوظاً في تعامله مع المشركين والمنافقين -كما يظهر بملاحظة ما ورد في التاريخ -رغم أنهم لم يكونوا يلتزمون به، حتى كثر التبرّم منهم في الآيات الشريفة.

وفي السيرة النبوية مواقف عديدة تمثل اهتمامه بالوفاء، فقد حث النبي (صلى الله علية واله وسلم) أبا بصير عتبة بن أسيد -وكان قد أسلم، وحبس في مكة، ثم فرّ منهم -على الرجوع إلى المشركين؛ من جهة معاهدته معهم، فقال له: (يا أبا بصير. إنّا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت، ولا يصلح لنا في ديننا الغدر، وإنّ اللهَ جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً).

 

المصدر / محمد باقر السيستاني، اتجاه الدين في مناحي الحياة، ص، 221-222.