ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
وهناك تشريعات وتعليمات ذات مغزى كبير في تأكيد وجوب الاهتمام بالعهد..
منها: -وهو من ألطف ما يدل على احترام العهد في الإسلام -إيجابُ الكفارة على المسلم -مضافاً إلى التوبة -إذا قتل خطأً رجلاً من قوم بينهم وبين المسلمين ميثاق، بمثل ما يجب إذا قتل مسلماً خطأً، كما قال تعالى في آية قتل الخطأ: (وَإِنْ كَانَ -أي المقتول -مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَ امُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهَّ وَكَانَ اللهَّ عَلِيمًا حَكِيمًا).
وهذا يدل على مدى قيمة الالتزام والعهد ورعاية حرمته، حتى مع الأعداء؛ حيث لم تكتف الآية بدفع الدية إليهم بل أوجبت على المسلم أن يكفّر عن هذا الخطأ الخطير -الذي هو أشبه بالخطيئة -فيما بينه وبين الله سبحانه بالعتق أو الصيام؛ حتى يقبل الله توبته.
المصدر / محمد باقر السيستاني، اتجاه الدين في مناحي الحياة، ص، 223 -224.