في رحلة جديدة نحو أعماق الذاكرة الكربلائية، أصدر مركز كربلاء للدراسات والبحوث، كتاباً تراثياً توثيقياً بعنوان "حمّامات كربلاء الشعبيّة بين الأصالة والتراث"، يعيد من خلاله الحياة إلى مشاهد يومية كانت جزءاً من نبض المدينة، ومرايا تعكس القيم الروحية والاجتماعية لسكانها على مرّ العصور.
ينقل هذا الإصدار القارئ في جولة حيّة داخل الأزقة العتيقة لكربلاء، حيث كانت الحمّامات العامة مراكز للطهارة، واللقاء، والتقوى، مستلهماً ذلك من روايات الإمام الصادق "عليه السلام" عن فضل الاغتسال من الفرات قبل زيارة جده الإمام الحسين "عليه السلام"، في تداخل عميق بين الروح والمكان.
الكتاب لا يتوقف عند الجدران والأسقف الحجرية، بل يغوص في تفاصيل الحياة الشعبية المرتبطة بالحمامات، من الأدوات التقليدية، وأساليب البناء، إلى الطقوس الاجتماعية التي ترافق الاغتسال، والحكايات التي تناقلها الأجيال، مصحوباً بصور نادرة ووثائق أرشيفية تُبيّن هذا الإرث المادي والمعنوي الثمين.
يأتي هذا الإنجاز ضمن سلسلة جهود المركز الرامية إلى حفظ تراث المدينة المقدسة، وإبراز هويتها الحضارية الممتدة من عمق التاريخ حتى اليوم، ليكون هذا الكتاب رافداً مهماً للباحثين والمهتمين بتاريخ كربلاء الاجتماعي والثقافي، وجزءً من الوفاء لمدينةٍ إحتضنت الشهادة والحياة معاً.