8:10:45
كربلاء مدرسة العلماء... الشيخ الخازن أنموذج الفقيه الأديب المحقق من كربلاء إلى الكوفة، والخازر، فعين الوردة... حكاية السيوف التي انتقمت لدم الحسين "عليه السلام" تهنئة  استمرار الدورة الفقهية في مركز كربلاء للدراسات والبحوث من النواويس إلى الحائر... رحلة الأرض التي احتضنت الإمامة والشهادة اهل البيت عليهم السلام: منزلتهم و مبادئهم هلاك الاستبداد و نجاة التشاور ... محمد جواد الدمستاني موقف شهداء الطفّ... حين ارتفعت قيم الكرامة فوق رايات النفاق في مكتبة مركز كربلاء... المرجع الأهم للنجاح في إختبار التوفل الدولي مدينة الحسين "عليه السلام" في الأرشيف العثماني... ملامح سياسية واقتصادية يكشفها مركز كربلاء للدراسات والبحوث أسرار تحت أقدام الزائرين... ماذا تخبئ تربة كربلاء من كنوز زراعية وتاريخية؟ قاسم الحائري... شاعر كربلاء الذي بكى الحسين حتى العمى المساجد ومجالس الأدب كمصنع للوعي... أسرار ازدهار الصحافة في كربلاء العمل في فكر الأنبياء "عليهم السلام"... صناعة الإنسان قبل صناعة الحضارة قراءة في كتاب: "الإمام المهدي في القرآن والسنة" سفر من نور في مكتبة مركز كربلاء كتب "الولائيات" بين المبالغة والوهم... مركز كربلاء يقرأ نصوص الطف بعين العقل والمنطق تحت شعار: "بالألوان نرسم الأمل".. مركز كربلاء يحلّ ضيفاً على أول معرض فني بمدرسة عراقية في مدينة قم المقدسة الصبر على المصيبة مصيبة للشامت ... محمد جواد الدمستاني في إصدار علمي جديد... مركز كربلاء يسبر أغوار خزائن العتبات المقدسة الحوزة العلمية في كربلاء... مجدٌ نُقش بأسماء الكبار وتراث عظيم ينتظر من يزيح الغبار عنه
مشاريع المركز / اطلس كربلاء / محطات كربلائية
08:43 AM | 2025-03-18 1610
جانب من تشيع الشهيد زكي غنام
تحميل الصورة

الوضع الاقتصادي والاجتماعي في كربلاء خلال حكم ناصر بن مهنا

في سنة 1013 هـ (1604 م)، ومع تراجع سيطرة الدولة العثمانية على العراق، شهدت كربلاء تحولا سياسيًا تمثل في استيلاء ناصر بن مهنا، زعيم قبيلة آل مهنا من عشائر جشعم العربية، على المدينة،وقد أطلق ناصر على نفسه لقب (ملك)، وتمكن من القضاء على الحامية العثمانية في كربلاء، مما سمح له بفرض سلطته على المنطقة الممتدة من الفلوجة إلى جنوب العراق، فأسس مركز حكمه وإدارته على أنقاض النظام القديم، مما سمح له بفرض نظامه الخاص وتحصيل الأتاوى والضرائب من القوافل والزيارات التي كانت تتوافد إلى كربلاء.

حكم ناصر بن مهنا كربلاء لفترة طويلة وجعلها مركزا لنفوذه، حيث كان يجبي الضرائب من القوافل والتجار والزوار الذين يقصدون المدينة، ويذكر المستشرق البرتغالي بيدرو تكسيرا، الذي زار كربلاء في سبتمبر 1604، أن المدينة كانت تضم حوالي أربعة آلاف منزل، وكان سكانها خليطا من العرب والإيرانيين والأتراك،كما كانت الأسواق مليئة بالسلع التجارية المختلفة، وشهدت وفرة في المواد الغذائية مثل الحنطة والرز والشعير والفواكه والخضروات واللحوم، مما يعكس استمرارية الحياة الاقتصادية رغم الاضطرابات.

ومن الناحية العسكرية والسياسية، برزت قوة أمير المهنا في ظل حالة الفوضى التي صاحبت ضعف الرقابة العثمانية، فقد تمايز حكمه بتقسيم السلطة بشكل عملي على مختلف المناطق، إذ كانت قبيلته المتمركزة في منطقة المهناوية قرب سدة الهندية تتحكم في طرق التجارة وتفرض قبضتها على الأراضي من خلال استخدام أساليب القوة والعنف عند الحاجة، وفي هذا السياق، ورد في روايات الباحث يعقوب سركيس بمجلة (لغة العرب) أن قبيلة آل مهنا استولت على كربلاء بزعامة أميرها ناصر، وأثبتت سيطرتها لما يقارب الأربعين عامًا حتى جاء التدخل الصفوي بقيادة الشاه عباس الكبير الذي غزا العراق في 1032 هـ (1623 م) أو بحسب بعض الروايات في 1042 هـ، مما أنهى حقبة من الهيمنة المحلية التي كانت استفادت من الفوضى الناتجة عن انشغال الدولة العثمانية بالحرب مع إيران.

كما أوضح بيدرو تكسيرا مشاهداته حول الوضع الأمني والاجتماعي للمدينة، حيث لاحظ أن الأتراك رغم محاولتهم الإشراف على المناطق المحيطة بكربلاء، انسحبوا إلى بغداد بسبب الصراعات مع الإيرانيين، فيما غادر الإيرانيون بدورهم إذ لم يعودوا يشعرون بالأمان، وقد شهد تكسيرا وجود عناصر من الجيش العثماني، مثل (السگمانيون) الذين كانوا يقيمون في أحد الخانات المخصصة للزوّار، ويعملون كحرس خاص وضباط للحفاظ على النظام، إلا أن هؤلاء كانوا معروفين باستخدام العنف والوقاحة في التعامل مع السكان، مما أضاف بعداً آخر إلى حالة الرعب التي كانت تعم المدينة.

ومن الجدير بالذكر أن هذه الفترة التاريخية لم تخلُ من التنافس بين القوى المختلفة، إذ ظل أمير المهنا رمزاً للسلطة المحلية حتى العصر الذي بدأت فيه قبيلة الزكاريط استيطان ضفاف نهر الحسينية والتنافس مع أبناء أعمامهم المسعود، مما أدى إلى نزاعات مسلحة أنهت هيمنة قبيلة آل مهنا تدريجياً بعد أن استمرت في الحكم حتى العقد الرابع من القرن الثالث عشر الهجري، ويأتي هذا السياق التاريخي لتأكيد أن التحولات في السلطة لم تكن ناتجة عن تغيير جهوي مفاجئ فحسب، بل كانت نتيجة لصراعات داخلية وتحولات في موازين القوى الإقليمية بين العثمانيين والصفويين، مما ساهم في إعادة رسم الخريطة السياسية والاجتماعية للعراق في تلك الحقبة الحرجة.

محمد حسن مصطفى الكليدار آل طعمة،مدينة الحسين،ضبط ومراجعة وإصدار مركز كربلاء للدراسات والبحوث،2016،ط1،ج3،ص53

 

Facebook Facebook Twitter Whatsapp