منذ عقود، شاع في بعض الكتابات الاستشراقية والتقارير الأجنبية استخدام لفظ “الحج” لوصف زيارة العتبات المقدسة في العراق، حتى تسلل هذا الخطأ إلى بعض الأقلام العربية والإسلامية، رغم ما في ذلك من خلط عقدي ومفاهيمي واضح بين فريضة الحج وشعيرة الزيارة.
ففي حين أطلق عدد من المستشرقين أمثال "لويد" و"فيليب حتي" و"فونتانييه" وصف "الحجاج" على زوار كربلاء والنجف، تسرب هذا الخطأ إلى بعض الأقلام الإسلامية التي لم تفرّق بين فريضة الحج التي شرعها الله لعباده، وشعيرة الزيارة التي تعبّر عن الولاء لأولياء الله.
ويؤكد علماء الإمامية أن الحج لا يكون إلا لبيت الله الحرام بنص القرآن الكريم، أما الزيارة فهي عمل روحي مستحبّ، يعبّر عن الإيمان بمقامات أهل البيت (عليهم السلام) دون أن تمسّ مكانة الكعبة المشرفة.
ويستشهد الباحثون بموقف المرجع الديني السيد "أبو الحسن الأصفهاني" حين رفض تحريم الحج رغم الأحداث السياسية آنذاك قائلاً: "نحن بدون تحريم متهمون بأننا نحج إلى كربلاء، فكيف إذا حرّمناه؟"، لتبقى كلماته درساً في فقه الموازنة بين الفريضة والشعيرة.
ويخلص باحثو مركز كربلاء للدراسات والبحوث، إلى أن التمييز بين المصطلحين واجب علمي وعقدي، لأن الزيارة امتداد للنية الخالصة في القرب من الله، لا بديلاً عن الحج، بل روحٌ من ولاءٍ يكمّل عبادة التوحيد.
وفي النهاية، تبقى الزيارة للإمام الحسين وباقي الأئمة المعصومين (عليهم السلام) نوراً يضيء طريق المؤمنين نحو الحقيقة واليقين، لا بديلاً عن الحج، بل امتداداً للنية الخالصة في القرب من الله عبر أوليائه الصالحين.
المصدر: مركز كربلاء للدراسات والبحوث، موسوعة كربلاء الحضارية الشَامِلَةُ، المحور التاريخي، قسم التاريخ الإسلامي، 2017، ج1، ص30-32.