في أزقة المخيم العتيقة وسط كربلاء، كان مسجد صغير بمساحة لا تتجاوز الثمانين متراً مربعاً يحمل في جدرانه عبق التاريخ وحرارة الموقف الحسيني الخالد والمسمى بـ "مسجد المخيم".
شُيّد هذا المسجد بحسب ما ورد في موسوعة كربلاء الحضارية، عام 1960م، 1380هـ، إلا أن روايات كبار السن من الأهالي تؤكد أنه أقدم من ذلك بكثير، إذ ارتبط مكانه بموقع خيمة الإمام الحسين (عليه السلام) التي أقامها يوم التاسع من محرم، والتي سماها بـ"رأس الحرب".
ووفقاً للموسوعة، فقد كان هذا المعلم الكربلائي العريق مقصد المؤمنين وموئل الدعاء، إذ يروي صاحب الدار الملاصق له، المهندس "عبد المنعم عبد الأمير مهدي" أنه رأى المرجع الديني الكبير السيد محسن الحكيم (قدس سره) يقف كل خميس أمام بابه، رافعاً يده بالدعاء، ويوصي أصحاب المحال المجاورة بالمحافظة على هذا الموقع لأنه يمثل موضعاً مقدساً تتنزل فيه البركات.
كما عُرف المسجد بكونه مسرحاً للكرامات وقضاء الحوائج، فطالما شهد رواده حوادث شفاء وتيسير أمور نُسبت إلى الدعاء فيه، وقد جُدد بناؤه عام 1991م بمبادرة من أهل السوق، حيث زينت واجهته بآيات قرآنية وخطوط كاشي كربلائي أصيل، بينها قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾.
يذكر أن المسجد كان مفتوحاً طوال اليوم، إذ تُقام فيه صلاة الجماعة بإمامة علماء كربلاء المعروفين مثل السيدين "أحمد البهبهاني" و"أحمد الخاتمي"، كما تُعقد فيه مجالس العزاء والقراءة الحسينية بصوت الخطباء والرواديد الكبار أمثال الشيخ "حمزة الزغير" والشيخ "ضياء الزبيدي".
ومع الزمن، تهالك البناء القديم، فهُدم بعد إدخاله ضمن مشروع صحن العقيلة زينب (عليها السلام)، ليُعاد تشييده بهيئة معمارية حديثة تحت مسمى "فسطاط الشهداء"، وفاءً للمكان الذي احتضن خيمة الإمام الحسين (عليه السلام) يوم العاشر الخالد.
المصدر: مركز كربلاء للدراسات والبحوث، موسوعة كربلاء الحضارية الشَامِلَةُ، المحور الاجتماعي، 2020، ج2، ص258.