في وصفٍ قلّ نظيره، سجّل الرحالة الهندي "محمد هارون الزنكي" خلال زيارته إلى العراق عام 1910م انبهاره بما شاهده في أسواق كربلاء المقدسة، واصفاً إياها بأنها “قائمة على قسطاس مستقيم، ومتوازنة على ميزان عادل قويم”، تعجّ بالحياة وتفيض بالخيرات.
وقال "الزنكي" في وصفه لهذه الأسواق، بأنها "قائمة على قسطاس مستقيم، ومتوازنة على ميزان عادل قويم، عامرة بكل ما يفتاق إليه بادٍ أو حاضر، أو مقيم أو مسافر، من جميع أنواع الحبوب المأكولة المطلوبة، والثمار الجنية المجلوبة، وفواكه مقتطفة للقلوب مختطفة...".
ويمضي الرحالة الهندي في رسم لوحةٍ زاهيةٍ لأسواق كربلاء التي كانت آنذاك أشبه بـ "خزانة الشرق"، تزدانُ بالتمر والأعناب والرمان والتين والزيتون، وتفوح منها روائح السفرجل والكمثري والنارنج والأترج، فيما تُعرض في دكاكينها أفخر الأقمشة والملبوسات القادمة من اليمن والحجاز والهند وباقي مدن العراق.
ولقد بدت كربلاء – كما وصفها الزنكي – مدينةً عامرةً بالخير والتنوع والثراء، تجمع بين جمال الروح وقداسة الأرض وبهاء التجارة، حيث تؤكد هذه الشهادة التاريخية، التي وثّقتها موسوعة كربلاء الحضارية الصادرة عن مركز كربلاء للدراسات والبحوث، أن أسواق المدينة لم تكن مجرد أماكن للبيع والشراء، بل ملتقى للشعوب والثقافات، ومظهراً من مظاهر الحضارة الإسلامية المزدهرة في هذه البقعة الطاهرة.
المصدر: مركز كربلاء للدراسات والبحوث، موسوعة كربلاء الحضارية الشَامِلَةُ، المحور الاجتماعي، 2020، ج1، ص59.