وبينما كان والده السيد "محمد الوهاب" في سفرٍ طويل خارج العراق، بدأ "مرتضى" خطواته الأولى في المدرسة الابتدائية، ليكملها بتميّزٍ لافت، ويحصل على شهادته المتوسطة بتفوق باهر. غير أن قسوة الحياة وشظف العيش حالت دون إكماله للدراسة الثانوية والعليا؛ فالفقر آنذاك لم يترك له إلا مساحة ضيقة للحلم، لكنّه لم يستطع أن يحدّ من عبقريته.
ورغم اليُتم المبكر والظروف القاهرة، فقد التهم الشاب الكربلائي كتب الأدب والمعرفة، وارتوى من مناهل الثقافة حتى اتسعت مداركه، واشتدّ عوده الفكري، وتكوّنت لديه رؤية حادة تميز بين الخير والشر، وبين الجمال والقبح، وبين الحقيقة والزيف. فكان الإيمان قوةً تسنده، والألم وقوداً يشعله، فتقدّم ثابتاً في عالم الشعر محمولًا على إرادة لا تنكسر.
ينتمي السيد مرتضى إلى واحدٍ من أعرق البيوت العلوية العربية في كربلاء، المعروف بـ "آل الوهاب"، وهو بيت يمتد نسبه إلى الإمام موسى الكاظم (عليه السلام). وقد اكتسب هذا اللقب (الوهاب) بعد غارة الوهابيين على كربلاء عام 1216هـ، تخليداً لذكرى الشهيد السيد موسى ابن السيد محمد علي.
ثم عزّز هذا اللقب السيد "حسين"، سادن الروضة العباسية (1251–1256هـ)، ليصبح المعرف الرسمي للأسرة، كما برز من هذه الأسرة أيضاً، السيد "أحمد الوهاب"، أحد أشراف كربلاء ونائبها في البرلمان العراقي لخمس دورات، وصاحب الديوان الأدبي الشهير الذي كان ملتقى العلماء والشعراء والمثقفين.
من هذا البيت المجيد، خرج السيد مرتضى الوهاب ليكون أحد أبرز أصوات الشعر الكربلائي، شاعراً صقلته الأحزان وارتقت به التجارب، فكتب من عمق الروح، ومن صميم كربلاء التي أحبّها وعاش في ظلالها المباركة.
المصدر: الطعمة، صادق، الحركة الأدبية المعاصرة في كربلاء، العتبة الحسينية المقدسة، ج1، 2017، ص48-55.