وتقع هذه المدينة المقدسة في وسط العراق، ضمن منطقة الفرات الأوسط، وهو موقع منحها أهمية خاصة في الإدارة العثمانية، وقد اتسم لواء كربلاء باتساع حدوده وتنوع امتداداته الجغرافية، حيث يحدّه من الشمال الغربي قضاء الدليم، ومن الشمال قضاء الكاظمية، بينما يجاوره من الشرق والجنوب الشرقي لواء الديوانية، في حين تمتد حدوده الغربية والجنوبية الغربية إلى بادية الشام، ما جعله لواءً يربط الحواضر بالبوادي.
ووفقاً للدراسات المنشورة عبر موسوعة كربلاء الحضارية الصادرة عن مركز كربلاء للدراسات والبحوث، فقد كان قضاء كربلاء هو مركز اللواء الإداري، فيما تعكس حدوده مركزية المدينة آنذاك، إذ يحده من الشمال قضاءا الكاظمية والدليم المرتبطان بلواء بغداد، ومن الشرق قضاء الهندية التابع للواء كربلاء، بالإضافة إلى قضاء الحلة المرتبط بلواء الديوانية، بينما يجاوره من الجنوب قضاء النجف الأشرف، ومن الغرب والجنوب الغربي بادية الشام.
وأوضحت الموسوعة أن قضاء النجف الأشرف، كان يرتبط إدارياً بلواء كربلاء، حيث يحدّه من الشمال قضاء كربلاء، ومن الشرق قضاءا الهندية والشامية التابعان للواء الديوانية، في حين كانت حدوده الجنوبية والغربية مفتوحة على بادية الشامية، ما منح القضاء امتداداً صحراوياً واسعاً.
كما مثّل قضاء الهندية آنذاك حلقة وصل مهمة بين كربلاء وبقية ألوية الفرات الأوسط، إذ تحدّه من الشمال كربلاء، ومن الشرق الحلة، ومن الجنوب والجنوب الشرقي الشامية، بينما يجاوره من الجنوب والغرب قضاء النجف الأشرف.
وتكشف البيانات العثمانية الواردة في الموسوعة عن تغيرات لافتة في مساحة لواء كربلاء وملحقاته بين فترتيّ سبعينات وأواخر القرن التاسع عشر، حيث بلغت مساحة قضاء كربلاء في الفترة الأولى (6000 كم²)، والنجف الأشرف (8400 كم²)، والهندية (8600 كم²) في حين أن قضاء الرزازة لم يكن قد استُحدث بعد.
أما في أواخر القرن التاسع عشر فلم يحصل تغيير لافت على مساحة قضاء كربلاء والبالغة (6000 كم²)، فيما بلغت مساحة قضاء النجف الأشرف (5400 كم²)، وقضاء الهندية (6600 كم²)، في حين وصلت مساحة قضاء الرزازة بعد إستحداثه، الى ما يقرب من (5000 كم²).
وبذلك بلغت المساحة الكلية للواء كربلاء نحو (23) ألف كيلومتر مربع، مما يجعله من أكبر الألوية العثمانية في وسط العراق خلال تلك المرحلة.
وتعكس هذه الحدود والمساحات طبيعة الدور الذي اضطلع به لواء كربلاء في الإدارة العثمانية، إذ لم يكن مجرد وحدة إدارية، بل مركزاً دينياً واجتماعياً مؤثراً، يمتد حضوره من المدن المقدسة إلى أطراف البادية، ويجسد تداخلاً فريداً بين السياسة والجغرافيا والدين في تاريخ العراق الحديث.
المصدر: مركز كربلاء للدراسات والبحوث، موسوعة كربلاء الحضارية الشَامِلَةُ، المحور التاريخي، قسم التاريخ الحديث والمعاصر، 2017، ج1، ص53-54.