بالنظر للقدسية العظيمة التي تتمتع بها مدينة كربلاء دون باقي البلاد بسبب إحتضانها للجسد الطاهر لريحانة رسول الله "ص" وفلذة كبده الإمام الحسين بن علي "عليهما السلام"، فقد شهدت هذه المدينة المقدسة منذ أواخر القرن الثالث الهجري، حركةً علمية دينية متنامية جعلت منها مناراً يحج اليه المؤمنون وطلبة العلم من كل حدبٍ وصوب.
وعند حلول القرن الثاني عشر الهجري، كانت الحركة العلمية في كربلاء قد بلغت حداً لم يسبق له مثيل، فأصبحت حينها محوراً للدراسات الدينية المختلفة ومنتجعاً لرواد العلم، فضلاً عن اشتهارها آنذاك بحرية الأفكار التي جعلت منها مركزاً للحوارات المعمّقة بين مختلف المدارس الفقهية البارزة (1).
ونظراً لانتقال زعيم الحركة العلمية السيد "مهدي بحر العلوم" الى مدينة النجف الأشرف، فقد شهدت هذه المدينة بدورها إنتشاراً مماثلاً للمدارس العلمية الدينية التي أسهمت في تخريج العديد من أبرز رموز العلم والفقه الإسلامي، فيما شهدت مدينة سامراء المقدسة هي الأخرى ما شهدته نظيرتاها من حركة أكاديمية إسلامية بعد وصول لواء المرجعية الدينية ممثلاً بالشيخ الأنصاري اليها، مما جعل من العراق حينها قلعةً لثلاث مرجعيات كبرى في كل من كربلاء، والنجف، وسامراء وللمرة الاولى في تاريخ هذا البلد العريق.
المصدر:
(1) مختصر الحركة العلمية الدينية في كربلاء، سلسلة منشورات مركز كربلاء للدراسات والبحوث، ص10.